بن زامل العاشق / الشاعر :
كثيرا ًما اقترن اسم بن زامل بقصيدته الغزليه المشهوره التي ادرجت اسمه في قائمه العشاق ومطلعها :
يقول بن زامل مساك الخير يا امير الملاح
يافائق الغزلان يانعسان يانجم الصباح
فقد غطت احداث القصه الغراميه جوانب كثيره من شخصيته فكثيرون لا يعرفون من هو بن زامل اكثر من كونه شاعر له قصه غراميه مثيره ..
وهو علي بن زامل باجري الكثيري من قرية بور* بحضرموت وقد كان شاعراً رقيقاً حكيماً عاش حياة النبلاء وصارع صراع الاشداء كثير الترحال كاي شاعر اخر لاتفوته المناسبات , وقع في الحب ومن لايقع في شراك الحب ! وقصة حبه تقترب من الخيال بالرغم من انها واقعيه، حدثت فعلا ولعل اسباب الذهاب بها الى مصاف القصص الخياليه، انهاصورت احداثا يصعب علينا اليوم تصديقها.
قصه حبــــــــــــــــــــه :
في قرية تريس التي تبعد عن بور عشرة اميال كانت بداية التعلق والوجدان، لم يكن غريباً على هذه القريه ، فقد دخلها مررا ولكن عينه لم تصادف او لم تقع على فتاة الحسن والجمال الا هذه المره عندما وجه نظره بالصدفة اليها وهي تمشي الهوينا فتوافقت النظرات وخاطبت عيناها في لغة الهوى عينيه، فتاة تتمايل كغصن البان في براءة ودلال, غير انها وكعادة البنت الحضرميه اسرعت الخطا الى دارها في وجل وخجل عندما راته يرشقها بسهام عينيه, تعقبها في حذر وكبرياء كي لا يقال عنه مايشينه في نظر الاخرين وهو معروف بالنخوة والعفه, راها تدخل بيتا بجوار حانوت.......الى هذا الحانوت يبلغ مسيره كل مره يقدم الى تريس, حيث كون خلالها صحبة مع صاحب الحانوت, صديقه صاحب الحانوت كان صادقا عندما اخبره عن الفتاه وامها القادمتين من قرية اخرى بعد وفاة الاب وانهما يقيمان بجوار
شقيق الام (الخال) وكذلك كان صادقا عندما تحدث عن اخلاقها وعفتها وادبها.
صارت تريس بعد ذلك وجهته المحببه فصار لايغيب عنها كثيرا، ومن اجلها احب الديار واحب صاحب الحانوت الذي كان كطالع السعد , ومن هذه الديار خال الفتاه الذي يعتبر وصياً عليها بحكم القرابة والعرف, وقد تعرف عليه وصار كثير الزيارات له تمهيدا لغايته ,فبعد زوال الكلفه وزياده الالفه افضى الى الخال رغبته بالزواج من ابنت اخته وطلب منه الرد خلال ايام, بعد ثلاثة ايام عاد بن زامل ووجد الخال بانتظاره ومعه النبا السار, وبعد مده قصيره قدم عم الفتاه مع ابنه لخطبتها فوجداها مخطوبه. من ذا سيمنع بن زامل عن زيارة خطيبته وحماته ومن سيجرؤ على قول فحش والشاعر الحكيم سيصبح زوجاً, وهكذا صار ثالث اثنين في منزل صغير يضم الفتاة وامها انى شاء بدون منازع, وخطيب متيم دون منافس.
لكن الذين يحترقون كمداً وغيظاً عند رؤية روحين متحابتين راحوا يناصرون بعضهم, فجاءت مكائدهم على قدر حقدهم, واستقر الراي على فعل لا يليق الا بالوشاة, فعل رسموه وخططوا له بدقة, وهكذا كانت الوشوشه بالسوء حول الفتاة والنيل من سمعتها بحيث يسمع الفتى ما يقولون فيكره ويبتعد ويهجر..
حسدوه وتواصوا عليه فجاء فعلهم قبيحاً وعند رؤيتهم بن زامل في تريس يقولون ما ينفره من الفتاة بطريقة غير مباشرة, كأن يدّعون بانها ليست الا من بقايا قوم موسى, يقول احدهم وذاك يسمع ( انظر الى المتيم الولهان يخطو وكانه العشيق الوحيد ولايدري عن المتيمين غيره.!!..) واخر يقول اليوم عندك دلها وخبرها وغدا لغيرك كفها والمعصم. وليس ذلك فحسب بل نشروا نفايات التبغ المحروق الناتج عن الارجيله(الشيشة) حول دارها كي يوهموه ان المتعه للجميع في هذا المنزل.
بلغ الى مسمعه ما قالوه ورات عيناه مافعلوه, فبدا الشك يحل محل اليقين وبات صاحبنا في ليل من الشك مظلم , لدرجة انه صرف النظر عن منزلها فغير اتجاهه الى منزل خالها, راته بينما كانت تترقب وصوله كعادته , راته والعبرات تخنقها لا لشي فقط الا لانها تحبه, وطال الانتظار وزاد الشوق فذهبت لمنزل خالها , وعندما سلمت عليهما ذهب الخال ليترك المجال لهما, غير انه لم يجدهما بعد عودته فايقن انهما ذهبا لمنزل اخته , لكنه علم فيما بعد ان بن زامل غادر ممتعضاً .
مرت اسابيع ولم يظهر بن زامل مما يدل على القطيعه وتبدل الراي والموقف .
خطوة فيها الكثير من القسوة على انسانه بريئة لا تدري عن شي .... فقط انها كانت تحــــبه ولا تزال تحبـــــه.
ليس هناك شك لدى الفتاة بانها والحال هذه ستكون حديث الناس الذي يغلب عليه القسوة, لذلك طلبت من امها مغادرة تريس دون رجعة , استأذنت الام من الخال للمغادرة الى الشحر.
واصطحبتا قافلة وبعد اثني عشر يوماً وصلتا الشحر ففرح العم بقدوم ابنة اخية وامها , وبعد ايام عاود طلب ابنة اخيه لابنه, وعندما علمت الفتاة طلبت مده لتفكر وبعد شهر وافقت على الزواج من ابن عمها المحظـــــــــــوظ..
لا يزال الخال في حيرة من امره لسببين اولهما تبدل راي بن زامل والثاني سفر اخته مع ابنتها للشحر. اما بن زامل فقد زار صديقه الحانوتي بعد شهر من القطيعه وفضفض له بما كان من امره وعلم من صديقه الحانوتي الصدق واليقين(الفتاة شريفة ذات عفة وحياء ... ليتك اخبرتني قبل ان تظلمها وتظلم نفسك) ضاق بن زامل واحس بأن مكيدة قد دبرت فتوجه لمنزل خالها , والذي بدوره اكد ما قاله الحانوتي.
في اليوم التالي قرر ابن زامل التوجه للشحر وبعد عشرة ايام وصل. سأل بخفية وتنكر, فوجد الجواب سهلا وواضحاً, اذ راى منزل العريس مزداناً بالزينه والاستعدادات للمناسبه التي سوف تحزنه وتبكيه, فاصبح لايرى بالشحر غير هذا البيت يدور حوله متنكرا ومعه تدور الخواطر والهواجس حتى اهتدى الى منفذ . فاستأجر غرفة مقابلة لغرفة العريس , يفصلهما زقاق صغير. اسبوع وتزف العروس للعريس وبن زامل في غرفته يراقب الموقف عن كثب بحسرة وكمد ووجد.
كانت الزغاريد ليلة الزفاف مصدر فرح وسعادة للعريس, ولم يدرأحد بحال العروس المسيكينه, غير انها من المؤكد ان الذي تتقطع احشاؤه ويتعذب ويرسلها زفرات حرى عند سماع كل زغرودة هو بن زامل.
وفي اليلة الظلماء زفت العروسة الى منزل العريس , واخذ ابن زامل عوده والقلب يرفرف بجنبه كالذبيح , وما ان دخلت الغرفة حتى سارع العريس الى اغلاق الباب خلف المزينه وجلس الى جانب عروسه(ما اجمل هذه اللحظه) وعندما اقترب منها كان بن زامل قد بدا في الغناء , خوفا وغيرة ونفاد صبر ومن كمد شرع بن زامل في الغناء..
يقول بن زامل مساك الخير يا امير الملاح
يافائق الغزلان يانعسان يا نجم الصباح
يا مشفي المتعوب يا خرعوب يا نوب اللحاح
سلبت حالي هشت عقلي يا مترف بالمساح
غليت وايش القيت بك ذا البعد يا حلو المزاح
ايش ذا جرى طال البرا ما حد سعى لي بالصلاح
او ماتخاف الله في بن زامل المسكين راح
غريب مستوحش اذا الليل اعتدل غفل وصاح
يعجبك في بيت الظليمي لا نغم بالصوت ناح
اصوات بعد اصوات فيها الموت ماقط استراح
ارحم علي ياعيطلي خل القواسة والمزاح
الطب طبك يا رضيض القد يا نوب اللحاح
تحتك وبين ايديك بن زامل على خده النجاح
ماردت فيه افعله يا قمري قمار السر باح
مافي الحياة الا الفسح يامالي اكثر لفتساح
شفني تركت اهلي وخلاني وهاجمت الرياح
لااجلك نويت العزم والله ما على ايديها سماح
ما زلت منك يا ابلج الغرة ولو دونك رماح
ما غير يا لهيف لقيتك في خلق بين المياح
واحد قبض راسك بوجه الشرع ما ضمك سفاح
غصبا يصبر قلبي ويرجع مثل مكسور الجناح
خيره لي الله لي ما هو علي بالفضل شاح
يعيضني يهيف بغيرك فن من غير الصياح
يفرح به الخاطر صغير السن غاية لفتراح
راعي جعيد اسود من سنه المسك فاح
واحروز شاروخي وعاد اعيان قتاله صحاح
والخشم خنجر منتصب لا ابتسم براق لاح
واكعوب بالصدر حل كالسفرجل بالنجاح
ومن وجعهن تجاه الورد تسمع له صياح
خل الذي مثله عسى يستر ويقبل لفتصاح
في ذي وفي لخرى وعند الموت ساعة لنطراح
والعنق سوى بالحلق والسلسله عند الوشاح
يغفر ذنوبي غافر الزلة وغفرانة نصاح
والختم صلى الله على احمد عد ما براق لاح
وعد ما قد غرد القمري على رؤوس اللحاح
اهتزت الفتاه لذلك الصوت وتاثرت لذاك الذي اسعدها وابكاها , وفي لمح البصر عاد شريط الماضي , فنهضت نحو الشباك , لم تر احد لكنها سمعت صوته من غرفة مجاورة مظلمه , يغني بصوته العذب وكلماته النفاذة المؤثرة حتى انتهى.
صمت بن زامل وبقيت العروس متشبثة بالشباك... لم يحتمل العريس الا نتظار وهو ينظر لذلك الجسم الغض الذي طالما حلم بضمه فضاق صدره ونهض ليجذبها نحوه في دعابة , فكانت الصدمة!!!!!!!!!!!!!!!! لم يعد عريسا!!!!!!!!!!! . ياللهول !! ياللفاجعة !!
سقطت العروس جثة هامدة لا حراك بها.. اطبق عينيها وسارع الى ابيه ليخبره بما جرى . عادوا وراوا جثمانها مسجي في ثوب زفافها, وفي لحظة انقلبت الافراح الى اتراح وخيم الحزن على مدينة الشحر.
في اليوم التالي شيعت الجنازه الى مثواها الاخير, وكان من بين المشيعين رجل واقف عند قبرها هو اكثر المودعين حزناً, ذهب الى امها معزياً , وما ان راته الام الباكيه حتى سألته منذ متى وانت هنا فاجابها وصلت للتو......... انتهى كل شي........بعد ايام عاد الى تريس بصحبة امها يحمل الذكريات المرة وبين الحين والاخريمسح دموعه المنهمرة بغزارة ..
انتهت واتمنى ان تكون قد نالت اعجابكم .. دمتم بخير